منتديات ستار لوك
منتديات ستار لوك
منتديات ستار لوك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ستار لوك


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  بنت السّحاب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
BaSmA iBrIz

BaSmA iBrIz


انثى عدد المساهمات : 1387
تاريخ التسجيل : 04/03/2011
العمر : 25
الموقع : /https://starlook.alafdal.net

 بنت السّحاب Empty
مُساهمةموضوع: بنت السّحاب    بنت السّحاب Emptyالأحد 19 يونيو 2011, 14:09

بنت السّحاب

على صخرة حذو البيت، جلست " سلمى" كعادتها تتأمّل سحب الأصيل وهي تعبث بخيوط الشمس الواهية.

لقد أصبحت سلمى فتاة في ربيع عمرها ومع ذلك لم تتخلى عن عادة دأبت عليها منذ طفولتها المبكّرة حتى أن أمّها كان يحلو لها أحيانا مناداتها ببنت السحاب فتردّ ضاحكة كيف لا وأبي كان عاشق السّماء في إشارة إلى حكمة كان المرحوم والدها يردّدها كثيرا على مسامعها " من تأمّل السّماء فقد سما " !

ما زالت سلمى ، بنت السّحاب، تذكر مدى افتتانها عندما سمعت لأول مرّة قصيدة " سلمى" للشّاعر ايليا أبو ماضي . كان الصوت منبعثا من الدكّان المقابل لبيتهم، إنّه صوت بائع البذور يبثّ أوّل رسالة عشقه الطّاهر:

" السحـب تركض في الفضاء الرحب ركض الخائفين

والشمـس تـبــدو خلفها صفراء عاصبة الجبين

والبحـــر ساجٍ صامــتٌ فيه خشوع الزاهدين

لكنما عـــيناك باهتتان في الأفـــق البعـــيد

سلمى، بماذا تفكرين؟

سلمى، بماذا تحلميـــن؟…"

منذ ذلك الحين لم يعد تأمّل السّحاب عند سلمى مجّرد استمتاع بمشاهدة رسوم متحركة تفوق في روعتها كلّ ما شاهدت من رسوم على صفحات كتبها المدرسيّة أو على شاشة التلفاز بل أصبح إضافة إلى ذلك فلسفة لها من العمق ما يكفي ليجعل من السحب رموزا لا ندرك سرّها إلّا بمزيد من التأمّل.

في زاوية من زوايا الأفق الرّحب، لمحت سلمى سحابة كأنّها طائر صغير تخلّف عن سربه فضلّ طريقه، إنّها مختلفة عن كلّ السّحب في لونها وشكلها وحتى في ما أثارته عند سلمى من أفكار وأحاسيس! سلمى، بماذا تفكرين؟ سلمى، بماذا تحلميـــن؟

نظرت بنت السّحاب إلى خاتمها وفي عينيها سحابتان مثقّلتان بماء ساخن ثمّ رفعت بصرها إلى صديقتها تناجيها بصوت متقطّع: سحابهْ …يا …سحابهْ…الغالي …طالْ …غيابهْ !

لقد أقفل " صالح"، بائع البذور، دكانه منذ ما يزيد عن الشّهرين وانقطعت أخباره. كانت آخر كلماته لسلمى " لم يعد للبذور من نفع في مكان جفّ ماؤه أو يكاد و إن بقي الحال كما هو فلن يتيسّر زواجنا ".

سحابهْ يا سحابهْ …حبيبي طال غيابهْ…هات لي جوابهْ !

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ صدق الله العظيم.

أيكون التسبيح لغة كونيّة تتخاطب بها كلّ المخلوقات وعلينا أن نتجرّد من أنانيّتنا لنرتقي ونفقه هذه اللغة ؟ !

فجأة دمدم الرّعد وبرق البرق وهطل المطر غزيرا غزيرا. ما أجمل الاستبشار على وجه أنثى تبلّله المطر !

"سلمى، ادخلي يا مجنونة، سيجرفك السيّل ! "، لم تكتفي الأمّ بالنّداء بل جاءت وسحبت الفتاة سحبا، " أنسيت يا بنيّتي نصيحة الطّبيب ؟! "

في مساء اليوم التّالي تناهى إلى مسامع سلمى ما تناقله النّاس من خبر العثور على ثلاث جثث، قرب أحد الشواطئ، يُعتقد أنّها لشبّان ثلاثة فُقدوا إثر غرق زورق يقلّ مهاجرين غير شرعيين منذ شهر ونصف.

وجاء الخبر اليقين من مكالمة هاتفية لأحد أقارب صالح !

" مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف ماتْ
إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياةْ "

" أميّ، بالله عليك ساعديني، أريد الجلوس على الصّخرة و تأمّل السحاب !"

على صخرة حذو البيت، جلست سلمى كعادتها تتأمّل سحب الأصيل وهي تعبث بخيوط الشمس الواهية…

انتهى

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://starlook.alafdal.net
 
بنت السّحاب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ستار لوك :: أدب وشعر :: القصص القصيرة-
انتقل الى: