مبادئ علم الحديث
:
حد علم الحديث: فقد عرفه الإمام ابنُ جماعة -رحمه الله تعالى- بقوله:« علم الحديث هو علم بقوانين يُعْرَف بها أحوال السند والمتن ».
بينما عرفه الحافظ ابن حجر العسقلاني بقوله:« معرفة القواعد التي يتوصل بها إلى معرفة حال الراوي والمروي ».
وهذان التعريفان؛ صحيحان جيدان، ليس بينهما اختلاف سوى في اللفظ، وإلا فمعناهما واحد؛ فإنه من المعروف أن السند عند علماء الحديث يشمل الراوي والمروي فالراوي جزء من أجزاء الإسناد، والمروي يشمل السند والمتن أيضًا، لأن الراوي ليس يروي متنًا فحسب بل يروي متنًا ويروي أيضًا الإسناد الذي تحمل به ذلك المتن، فصار الإسناد جزء من رواية الراوي أو من مروي الراوي.
موضوع علم الحديث: فهو -بناء على ما سبق بيانه من تعريفه- «السند والمتن» أو «الراوي والمروي»، فعلى تعريف الإمام ابن جماعة -رحمه الله تعالى- لعلم الحديث يكون موضوع علم الحديث «السند والمتن»، وعلى تعريف الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يكون موضوع علم الحديث:«الراوي والمروي» وقد سبق أنهما يتفقان ولا يختلفان.
المقصود من تعلم هذا العلم: ودراسة هذا العلم، وتحصيل هذا العلم فهو معرفة المقبول من الأخبار فيعمل به، ومعرفة المردود فلا يُعمَل به.
ولاشك؛ أن هذه الغاية ليست هي الغاية المقصودة من كل علم شرعي، وهي الغاية الأخروية، وإنما هذه الغاية هي التي تدرك في مبادئ العلوم، والتي تكون الغاية الأخروية أثرَها أو هي من لوازمها.
واضعو هذا العلم: فهم علماء الحديث من سلفنا الصالح وأئمتنا الأفذاذ الجهابذة -عليهم رحمة الله تعالى-.
حكمه: فهو فرض كفاية، إذا قام به من يكفي الأمةَ أمرَهَ فإنه حينئذٍ يسقط الإثم عن بقية الأمة، وإلا أثمَ الجميع كل بقدر طاقته ووسعه.
نسبة هذا العلم الشريف إلى بقية العلوم الشرعية: فهو نسبة الأصل إلى الفرع، فعلم الحديث يعتبر من علوم الأصول التي ينبني عليها غيرُها من العلوم، وإن شئتَ قلتَ: هو بمنزلة الحَدَقة من العين؛ كما أن الحدقة هي طريق نظر العين، فكذلك علم الحديث هو السبيل إلى النظر في باقي العلوم الشرعية.