إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونتوكل عليه، ونثني عليه الخير كله، أهل هو أن يعبد، وأهل هو أن يحمد، وأهل هو أن يشكر، فله الحمد كله، وله الشكر كله، وإليه يرجع الأمر كله علانيته وسره، وأشهد أن لا إله إلا الله، خلق السموات والأرض، وجعل الظلمات والنور، وأشهد أن نبينا وقائدنا وقدوتنا إلى الخير، محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلامه عليه ما أظلم ليل وأشرق النهار، وعلى آله وصحابته الأبرار.. أما بعد:
سِلسلة فتاوى العلامة الألباني رحمه الله
المرأة والنكاح والطلاق وتربية الأولاد
_______________
فصل في تربية الأولاد
س)- هل يستحب الأذان و الإقامة في أذن المولود؟
حديث (من ولد له مولود , فأذن في أذنه اليمنى , وأقام في أذنه اليسرى , لم تضره أم الصبيان) موضوع ، وقد خفي وضع هذا الحديث على جماعة ممن صنفوا في الأذكار والأوراد , كالإمام النووي رحمه الله , فإنه أورده في كتابه برواية ابن السني , دون أن يشير ولو إلى ضعفه فقط , وسكت عليه شارحه ابن علان , فلم يتكلم على سنده بشيء , ثم جاء ابن تيمية من بعد النووي , فأورده في "الكلم الطيب" ثم تبعه تلميذه ابن القيم في "الوابل الصيب" , إلا أنهما قد أشارا إلى تضعيفه بتصديرهما إياه بقولهما : "ويذكر" , وهذا وإن كان يرفع عنهما مسؤولية السكوت عن تضعيفه , فلا يرفع مسؤولية إيراده أصلاً , فإن فيه إشعار أنه ضعيف فقط , وليس بموضوع , وإلا لما أورداه إطلاقاً , وهذا ما يفهمه كل من وقف عليه في كتابيهما.
ولا يخفى ما فيه , فقد يأتي من بعدهما من يغتر بصنيعهما هذا –وهما الإمامان الجليلان- فيقول : لا بأس , فالحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال , أو يعتبر شاهداً لحديث آخر ضعيف يقويه به , ذاهلاً عن أنه يشترط في هذا أو ذاك أن لا يشتد ضعفه.
وقد رأيت من وقع في شيء مما ذكرت , فقد روى الترمذي بسند ضعيف عن أبي رافع قال : (رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة) , وقال الترمذي : (حديث صحيح , والعمل عليه) , فقال شارحه المباركفوري بعد أن بين ضعف إسناده مستدلاً بكلمات الأئمة في رواية عاصم بن عبيدالله : (فإن قلت : كيف العمل عليه وهو ضعيف ؟ قلت : نعم , وهو ضعيف , لكنه يعتضد بحديث الحسين بن علي رضي الله عنهما , الذي رواه أبو يعلى الموصلي وابن السني).
فتأمل كيف قوى الضعيف بالموضوع , وما ذلك إلا لعدم علمه بوضعه , واغتراره بإيراده من ذكرنا من العلماء , وكدت أن أقع أنا أيضاً في مثله , فانتظر.
نعم , يمكن تقوية حديث أبي رافع بحديث ابن عباس : (أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد , وأقام في أذنه اليسرى) , أخرجه البيهقي في "الشعب" مع حديث الحسن بن علي , وقال : (وفي إسنادهما ضعف) , ذكره ابن القيم في "التحفة".
قلت : فلعل إسناد هذا خير من إسناد حديث الحسن , بحيث إنه يصلح شاهداً لحديث رافع , والله أعلم.
فإذا كان كذلك , فهو شاهد للتأذين , فإنه الذي ورد في حديث أبي رافع , وأما الإقامة فهي غريبة, والله أعلم. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم 321.
س)- هل يستحب تسمية الولد بإسم محمد؟
حديث (من ولد له ثلاثة فلم يسم أحدهم محمدا فقد جهل) موضوع ، هذا وإننا نعلم أن كثيرا من الصحابة كان لهم ثلاثة أولاد وأكثر , ولم يسم أحدا منهم محمدا , مثل عمر بن الخطاب وغيره , وأيضا فقد ثبت أن أفضل الأسماء عبدالله , وعبدالرحمن , وهكذا عبدالرحيم , وعبداللطيف , وكل اسم تعبد لله عز وجل , فلو أن مسلما سمى أولاده كلهم عبيد لله تعالى , ولم يسم أحدهم محمدا , لأصاب , فكيف يقال فيه (فقد جهل)؟ ولا سيما أن في السلف من ذهب الى كراهة التسمي بأسماء الأنبياء , وأن كنا لا نرصى ذلك لنا مذهبا. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم437.
س)- ما حكم التسمية بإسم معبد لغير الله؟
نقل ابن حزم الاتفاق على تحريم كل اسم معبد لغير الله كعبد العزى , وعبد الكعبة .......وأقره العلامة ابن القيم في ((تحفة المودود)) ,وعليه فلا تحل التسمية بـ عبد علي , وعبد الحسين , كما هو مشهور عند الشيعة , ولا بـ عبد النبي أو عبد الرسول , كما يفعله بعض الجهلة من أهل السنة. انتهى كلام الالباني من السلسلة الضعيفة الحديث رقم411.
س)- هل من حق الأب ان يأخذ من مال ابنه ما يشاء بدليل الحديث "أنت ومالك لأبيك"؟
إن الحديث المشهور : "أنت و مالك لأبيك" (الإرواء) ليس على إطلاقه , بحيث أن الأب يأخذ من مال ابنه ما يشاء , كلا , و إنما يأخذ ما هو بحاجة إليه. انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2564.
س)- هل يجوز التكني بأبي القاسم لمن كان اسمه محمد؟
إن الصواب إنما هو المنع مطلقا , و سواء كان اسمه محمدا أم لا , لسلامة الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي , و هو الثابت عن الإمام الشافعي رحمه الله , فقد روى البيهقي بالسند الصحيح عنه أنه قال : " لا يحل لأحد أن يكتني بأبي القاسم كان اسمه محمدا أو غيره " . قال البيهقي : " و روينا معنى هذا عن طاووس اليماني رحمه الله".
و يؤكد ذلك حديث علي رضي الله عنه أنه قال : يا رسول الله ! أرأيت إن ولد لي بعدك , أسميه محمدا وأكنيه بكنيتك ? قال : "نعم" . قال : فكانت رخصة لي . أخرجه الترمذي و قال : "حديث صحيح" . وقواه الحافظ في "الفتح" و هو مخرج في "المشكاة". انتهى كلام الالباني من السلسلة الصحيحة الحديث رقم2946.
]