خلق المسلم

كان سهل بن عبد الله التستري رجلا صالحا عرفه الناس بالتقوى والصلاح ،والعلم وفوق هذا وذاك كان سهل رجلا حسن الخلق، فترجم ما تعلمه من الكتاب والسنة إلى أقوال ،وأفعال ولم يكتف بان يقال صالح وفقط أو عالم .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وصى بالجار فقال :<< من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره>>رواه البخاري.
وحرم صلى الله عليه وسلم أذى الجار، وهو ما حفظه سهل بن عبد الله التستري، لكن ماقيمة أن تحفظ القرآن وانت تشتم؟
أو أن تحفظ القرآن وأنت تسرق؟
أو أن تكون أعلم أهل الأرض وأنت أسوأهم خلقا؟
إن العلم لا ينفع وحده فلا بد من عمل بجانب العلم ،وهذا ما فهمه سهل فماذا فعل؟
المجوس هم: عباد النار، يعبدونها من دون الله-تعالى- وهم أصحاب ديانة قديمة لكنهم انحرفوا عنها فعبدوا النار ،وكانت بلادهم قديما هي بلاد فارس (إيران الآن ) وقد يسر الله للمسلمينأن يفتحوها وأن يدخلوا الإسلام إليها ،حتى أسلم عدد كبير من أهل فارس، ولكن بقي عدد منهم على ديانته القديمة وهي (المجوسية).
وذلك أن الإسلام لا إكراه فيه فقد قال الله -تعالى-: {لا أكراه في الدين }.
فتجاور بعض المجوس مع المسلمين، ليكون المسلم جارا للمجوس ،وشاء الله تعلى أن يكون لسهل بن عبد الله التستري جار مجوسي.
والمجوس كبقية الكفرة لا يعرفون النظافة فانبثق (إنشق) كنيفة(مكان قضاء الحاجة) إلى بيت سهل فكان سهليضع عند مكان البثق جفنة (وعاء من قذر ووسخ كالمكتال) يجمع فيه ما يسقط من كنيف المجوسي من قذر ووسخ مدة طويلةمن الزمان وبقي على ذلك لا يحدث المجوسي بل يصبر على أذاه.
واما أوشك سهل على الموت بعث يطلب هذا الجار المجوسي فجائه وعند دخوله بيت سهل رأى المكتل والبثق فقال:
-ما هذا الذي أرى؟
فقال سهل :
هذا والله منذ زمان طويل يسقط من دارك إلى داري وأنا أتلقاه بالليل دون أن يعلم أحد بأمره وقد أوشكت كما ترى وأنا أخاف أن يعلم أولادي بعد موتي فيؤذوك فافعل ماترى.
فخجل المجوسي من نفسه وقال:
- أيها الشيخ المسلم ،تعاملني هذه المعاملة الحسنة منذ زمان طويل وأنا كافر مقيم على الكفر.
أنا لن أصلح كنيفي فحسب ،بل مدٌ يدك فأني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فما أجمل هذا الدين الذي يعلم أصحابه حســــن الخلق ،ثم مات سهل -رحمه الله- بعد أن أسلم هذا المجوسي على يده.
فانظر ماذا فعل حســــــن الخــــــــــــــــــــــــــلق.