تمثل الأسماك مكوناً أساسياً من مكونات أي بيئة بحرية بصفة عامة وبيئة الشعاب المرجانية بصفة خاصة وتعتبر الأسماك من أقدم الفقاريات التي وجدت على الأرض فقد دلت الحفريات على أن أقدم حفرية للأسماك يصل عمرها إلى 360 مليون سنة كما أن الأسماك هي أكثر الفقاريات الموجودة على سطح الأرض من حيث العدد والتنوع حيث يوجد حوالي عشرين ألف (20000) نوع تقريباً يعيش معظمها في المياه المالحة
وتتنوع أسماك الشعاب المرجانية بتنوع الشعاب نفسها. و يعود هذا التنوع إلى تعدد البيئات و الأماكن المتاحة لهذه الأسماك داخل الشعاب المرجانية فبيئة الشعاب لا تحتوى فقط على شعاب مرجانية و لكن أيضاً يوجد بها مناطق رملية و كهوف و شقوق و طحالب و كذلك أعماق مختلفة تسمح بتنوع الأسماك. و تختلف كثافة و تنوع الأسماك من بيئة إلى أخرى حسب خصائص كل بيئة.
و الأسماك هي أكثر الكائنات البحرية وضوحاً بعد الشعاب المرجانية في البحر الأحمر كما أنها تمثل جميع الأنماط الغذائية حيث يوجد منها ما هو نباتي يتغذى على الطحالب و منها ما هو مفترس و منها ما يتغذى على الهائمات الحيوانية.
و تختلف أهمية أسماك البحر الأحمر باختلاف الأنواع فهناك ما هو اقتصادي و يعتبر مكوناً هاماً من مكونات الثروة السمكية بالبحر الأحمر و منها ما يستخدم كأسماك زينة حيث يباع بأسعار كبيرة جداً بسبب ألوانها الجذابة. تلعب أسماك الشعاب المرجانية دوراً كبيراً مؤثراً في الاتزان البيئي بالبحر الأحمر و خاصة في بيئة الشعاب المرجانية فنقص أو اختفاء نوع واحد من هذه الأنواع قد يؤدى و بدون مبالغة إلى تدمير البيئة بأكملها و من المؤكد أننا جميعاً قد تابعنا مشكلة نجم البحر الشوكي الذي يتغذى على الشعاب المرجانية و يدمر مساحات كبيرة جداً وصلت إلى 69% من مساحة الحاجز المرجاني الأعظم باستراليا بعد حدوث زيادة هائلة في أعداده و قد اتفقت معظم الآراء على أن السبب الرئيسي لهذا الانفجار في أعداد نجم البحر الشوكى هو اختفاء الأعداء الطبيعية له و الذي يشمل بعض أنواع الأسماك.
و فيما يلي سوف نستعرض بشكل بسيط أهمية الأسماك و دورها في البيئة البحرية و خاصة بيئة الشعاب المرجانية حيث ترتبط الأسماك و الشعاب المرجانية ارتباطاً وثيقاً و يؤثر وجود أحدهما في وجود الآخر تأثيراً كبيراً و إننا لن نتعدى الحقيقة إذا ما قلنا انه لا أسماك شعاب بدون شعاب و لا شعاب بدون أسماك كما أننا لا يمكننا أن نتخيل البحر الأحمر بدون شعاب مرجانية و لا يمكننا تخيل شعاب مرجانية دون أسماك شعاب مرجانية.
و ليست كل أسماك البحر الأحمر أسماك شعاب مرجانية و لكن يمكننا القول أن معظم الأسماك ترتبط بالشعاب المرجانية بشكل مباشر أو غير مباشر فبالإضافة إلى الأسماك القاطنة للشعاب و التي يطلق عليها أسماك شعاب يوجد مجموعة أخرى تأتى للتغذية أو وضع البيض أي أن جزءاً حيوياً من نشاطها يعتمد على الشعاب المرجانية.
أهمية الأسماك:
كما ذكرنا سالفاً تعتبر العديد من اسماك البحر الأحمر أنواعاً اقتصادية و تستخدم كغذاء على نطاق واسع باعتبار الأسماك مصدراً هاماً و آمناً من مصادر البروتين الحيواني
و تلعب الأسماك دوراً هاماً في البيئة البحرية:
• تلعب الأسماك دوراً في عملية تقسيم الشعاب إلى مناطق Zonation حسب أنواع المرجان الموجودة بها وذلك من خلال تغذيتها على بعض أنواع الشعاب مما يتسبب في اختفاء هذه الأنواع من بعض المناطق وبعض الأعماق.
• تتغذى بعض أنواع الأسماك على الطحالب التي تتنافس مع الشعاب المرجانية على الضوء والمكان فتحد من نمو وتواجد هذه الطحالب مما يعطى الفرصة للشعاب للنمو بشكل أفضل.
• تتغذى بعض الأسماك على المرجان مما يؤدى لتكسير الشعاب مما يؤدى لزيادة كمية الرمال والرواسب داخل الشعاب.
• تتغذى الأسماك على نسبة كبيرة من الكائنات الحية التي تعيش داخل الشعاب المرجانية و البيئات المحيطة بها مما يدفع هذه الكائنات إلى تطوير طرقها الدفاعية مثل إنتاج سموم أو الاختفاء تحت الرمال وبين الصخور.
• تتغذى أسماك Triggerfish على نجم البحر الشوكى العدو اللدود للشعاب المرجانية والذي يدمر مساحات كبيرة جدا من الشعاب في وقت قصير.
نبذة تاريخية:
تعتبر أسماك البحر الأحمر من أقدم الكائنات الحية التي تم دراستها وتسميتها بطريقة علمية. فقد تم وصف بعض عينات من أسماك البحر الأحمر عام 1761 بواسطة العالم……. بيتر فورسكال
Peter Forsskali فقد كان هذا العالم أول من وصف و أطلق أسماء علمية على أسماك البحر الأحمر حيث وصف 151 نوع من الأسماك.
و في عام 1822 قام العالم إدوارد روبيلEdward Ruppel بتجميع أسماك البحر الأحمر و قام بنشر أطلس حول أسماك البحر الأحمر شمل 161 نوع من بينها 75 نوع جديد و ذلك في الفترة من 1828 إلى 1830. ثم قام نفس العالم بنشر أطلس آخر من أربعة أجزاء يضم 164 نوع من بينها 100 نوع جديد (1835-1838).
و في نفس الوقت الذي كان فيه روبيل يقوم بنفس العمل كان هناك عالمان آخران من ألمانيا أيضاً يقومان بتجميع عينات أسماك من البحر الأحمر و هما C.G. Ehrenberg و F. G. Hemprich و قد توفى الثاني قبل أن يعود و عاد الأول بمجموعة كبيرة من عينات حيوانية و نباتية من البحر الأحمر فقام بتسليم عينات الأسماك إلى عالمين شهيرين في مجال الأسماك هما
B.. G. Cuvier و A. Valencinnes فقاما بتضمين هذه المجموعة من الأسماك في كتاب عن التاريخ الطبيعي للأسماك يتكون من 22 جزء (1822- 1847).
و في عام 1864 بدأ عالم آخر هو الفيزيائي Carl Klunzinger و الذي كان يعمل في مصر في ذلك الوقت دراسة عن أسماك البحر الأحمر استغرقت 5 سنوات تم نشرها عامي 1870 و 1871 و قد تضمنت هذه الدراسة 520 نوع من أسماك البحر الأحمر.
و منذ ذلك الحين توالت الدراسات التي تتناول أسماك البحر الأحمر ففى عام 1971 قام بطرس (Botros) بنشر موجز عن أسماك البحر الأحمر احتوى على أسماء جميع الأسماك التي درست و سميت من قبل العلماء السابقين.
و في عام 1980 قام Ormond بتسجيل قائمة بالأسماك الشائعة بالبحر الأحمر مزودة ببعض المعلومات عن سلوك هذه الأسماك اعتماداً على الملاحظات التي تم تسجيلها تحت الماء.
في 1983 قام John Randall بوضع دليل رائع لتعريف و وصف أسماك البحر الأحمر احتوى على 356 نوع و لم يكتف هذا العالم بوضع الصور الملونة الرائعة و لكنه ضمن كتابه معلومات علمية غاية في الدقة و الأهمية. و في منتصف القرن الماضي قام العالم الاسترالي هانز هاس بتصوير أول فيلم فيديو للحياة البحرية بالبحر الأحمر حيث قام بتصوير 26 فيلم قصير.
في عام 1984 قام Dor بنشر قائمة تحتوى على حوالي 1000 نوع من أسماك البحر الأحمر ثم تبعتها قائمة أخرى عام 1994 احتوت على 1248 نوع قام بنشرها