نُصادِفُ في حَياتِنا اليَوْمِيَّةِ أُناساً مُهَذَّبينَ مُؤَدَّبينَ، يَزِنُونَ كَلِماتِهِمْ قَبْلَ إِطْلاقِها حِرْصاً عَلى مَشاعِرِ الآخِرينَ وَعَدَمِ أَذِيَّتِهِمْ، كَذَلِكَ نُصادِفُ القَليلي الأَدَبِ الوَقِحينَ، الّذين لا يُبالون في صورَةِ كَلامِهِمْ وَسُلوكِهِمْ، وَتَنْكَشِفُ شَخْصِيَّتُهُمْ بِما يُطْلِقُهُ لِسانُهُمْ، لِأَنَّ «الـمَرْءَ مَخْبوءٌ تَحْتَ لِسانِهِ».
وَلَيْسَ سَهْلاً يَسيراً أَنْ يَرْتَقِيَ الإِنْسانُ إِلى مَعالي الأَخْلاقِ دونَ مُجاهَدَةِ النَّفْسِ، وَدونَ بَذْلِ ما بِوسْعِهِ للتَّخَلُّصِ مِنْ عاداتٍ سَيِّئَةٍ اكْتَسَبَها مِنْ مُحيطِهِ، فَعَنِ الإِمامِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السّلامُ أَنَّهُ قالَ:«النَّفْسُ مَجْبولَةٌ عَلى سوءِ الأَدَبِ، وَالعَبْدٌ مَأْمورٌ بِمُلازَمَةِ حُسْنِ الأَدَبِ، وَالنَّفْسُ تَجْري في مَيْدانِ الـمُخالَفَةِ، وَالعَبْدُ يَجْهَدُ بِرَدِّها عَنْ سوءِ الـمُطالَبَةِ، فَمَتى أَطْلَقَ عَنانَها فَهُوَ شَريكٌ في فَسادِها، وَمَنْ أَعانَ نَفْسَهُ في هَوى نَفْسِهِ، فَقَدْ أَشْرَكَ نَفْسَهُ في قَتْلِ نَفْسِه