من علامات الإنسان الذكي استغلال الفرص، وشهر رمضان فرصة للآباء والأمهات في تربية أبنائهم على القضايا الإيمانية والمفاهيم الربانية،
فنذكِّر أبناءنا بمفهوم «الإخلاص، والصدق، والخشوع، وحسن العبادة، والتقوى، والإيثار»، وغيرها من المفاهيم الجميلة حتى تصبح قدمُ الواحد منهم على الأرض وقلبه معلقاً بالمساجد والطاعات، وبما عندالله تعالى
وهذا ما كان عليه سلفنا الصالح، رحمهم الله، فقد روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه مر على المطرب (زاذان) فسمع صوته، فقال: «ما أجمل هذا الصوت لو كان بقراءة كتاب الله»، وكان هشام الدستوائي وهو تابعي جليل إذا فقد السراج من بيته يتململ على فراشه، فكانت امرأته تأتيه بالسراج، ولما حدثته في ذلك، قال: «إذا فقدت السراج ذكرت ظلمة القبر»، وورد عن سعيد بن المسيب، رحمه الله، عندما دخل على الحجاج ورأى النفخ بالناي بكى وقال تذكرت النفخ بالصور، وكذلك العز بن عبدالسلام، رحمه الله، وهو سلطان العلماء عندما دخل على السلطان أيوب في عظمته بمصر وكان الكل يهابه، نصحه وكله ثقة بنفسه، فلما سئل كيف تحدثت معه ولم تخف؟ قال: تذكرت عظمة الله وهيبته، فصغر عندي، وهكذا من يتربى تربية إيمانية متينة يجد نفسه بهذا الشعور الجميل الذي يترجم له مايشاهده في الدنيا إلى أمر إيماني رباني، ومثل هذه المشاعر نجدها عندما يعيش الإنسان مع ربه في الليل والنهار كما وصف الصحابة - رضي الله عنهم- بأنهم كانوا «رهباناً بالليل فرساناً بالنهار».
وهذا مانتمناه من الوالدين في استغلال شهر رمضان في تربية أبنائهم على مهارة المعايشة الإيمانية كما كان يعيشها الحسن البصري - رحمه الله - عندما يشرب الماء البارد فيتذكر الآية الكريمة {وحيل بينهم وبين مايشتهون}، فيتذكر أن أهل النار أكثر مايشتهون الماء البارد.
بمثل هذه الأجواء التربوية نعيش شهر رمضان الكريم، ولانحياه بالاحتفالات الماجنة كما تصور لنا وسائل الإعلام الخيم الرمضانية وكأنها من طقوس شهر رمضان، وبرامجها القريبة إلى احتفالات رأس السنة الميلادية عند النصارى ، وإنما نحن لدينا لون آخر في الاحتفالات بشهر رمضان الكريم، فرمضان مدرسة تربوية عظيمة.
ورمضان شهر التفرغ للقرآن وتدبره وقراءته، فقد كان الإمام مالك يوقف كل حلقات العلم ويتفرغ للقرآن إذا دخل شهر رمضان.
ونسأل الله تعالى أن يتقبل منا صيامه وقيامه وألاَّ لايحرمنا أجره. وأن نحسن تربية أبنائنا على المعايشة الإيمانية.
0