لم يتوقع احدا عدم لقائهما...حتى ذلك المجنون
فقد كان الحب قاسمهما المشترك
لكن للقدر رأي أخر
مر اسبوع اخر و جاء خميس اخر
اختلف تمام هذا الخميس عن خميس الحب
انه يوم تعيس
يوم لا صوت له الا للمطر
ولا طقس له الا للبرد
لم يكن حتى للمارة وقت للابتسامة
وكان ذلك المجنون ممدد وسط ساحة المدينة
غير ابه بما يدور حوله
حتى وصل الى سمعه انه اليوم يوم خميس
فقام مباشرة لينفذ ما خطط له طوال الاسبوع
فقد كانت قضيته أن يجمع حبيبين مقابل حياته
فأخذ متطلبات العملية من أعواد كبريت جمعها بمشقة أكبر مما حصل على دلو البنزين الذي اخذه معه
و صعد الى اعلى البلدية العتيقة
وراح يرمي الدلو على جسده مستعملا اعواد الكبيريت لاشعاله
كان المنظر يدعو للشفقة بل للرحمة ايضا
فلا المطر المنهطل ولا البرودة القارسة كانت سلام على جمسه
المشتعل بالنار
و ما ان مرت ثواني عديدة حتى امتلئت الساحة المطلة على البلدية
بجمع غفير من الناس
و قد كان من بينهم الشاب و الشابة
فقد نجح هذا الشهيد بجنونه على جمع متحابين لم يجمعهم القدر
ضحى بحياته ليجعهما و نجح
ورغم النار التي أكلت جسده الا انه ابتسم
لانه شاهد اخير ارتطام عشقين فطري
بطريقة عفوية
لا يوجد للتمثيل دور فيه
انتهى المشهد بنقل جثة المجنون أو بالاحرى عضامه
و افترق الناس و تركت المساحة كلها للعشيقين
لم يرغب اي طرف في الحديث او التعليق على ما حدث
واعتبر كل واحد فيهم الامر فطري خارج عن ارادتهم
و تركو للصمت حق الاجابة عن كل التساؤلات
لان أحسن الاجوبة لأجمل الاسئلة
هو دائما الصمت
فانتهى بهم الحب الى 60 الف قبلة
دون ان يحتاج خلال المدة التي قاربت ثلاثة ايام
الى الكلام النوم أو حتى الأكل
فقد كانت حبهما أكبر من هذه المتطلبات
قبل أن يتذكرو بشكل فطري و في وقت واحد دون الحاجة للتكلم
ان ذلك المجنون الذي القى بحياته في سبيل لقائهما
كان هو قدرهم و كان هو سبب لقائهم
فقرروا الذهاب لشكره و هو في عالمه الاخر
فتكلم الشاب اولا : المسكين اخبرني انك ميتة الاسبوع الماضي حتى لقي حتفه هذا الاسبوع
انتظر ردا منها
ولكن الصمت كان اكبر في ذلك المشهد
ثم اضاف : يجب ان نلحق بقبره ...انه اليوم الثالث لرحيله
لم تجب الشابة و هاهية تستعمل يديها بحركات غربية
لتفهمه انها لم تتكلم يوم
وانها عاشت وولدت صماء