منتديات ستار لوك
منتديات ستار لوك
منتديات ستار لوك
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات ستار لوك


 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  ┬╦╬ روآية سافرت البحار.. لم تأخذ السفينة ! جزء 1 ╬╦┬

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
BaSmA iBrIz

BaSmA iBrIz


انثى عدد المساهمات : 1387
تاريخ التسجيل : 04/03/2011
العمر : 25
الموقع : /https://starlook.alafdal.net

 ┬╦╬ روآية سافرت البحار.. لم تأخذ السفينة ! جزء 1 ╬╦┬ Empty
مُساهمةموضوع: ┬╦╬ روآية سافرت البحار.. لم تأخذ السفينة ! جزء 1 ╬╦┬    ┬╦╬ روآية سافرت البحار.. لم تأخذ السفينة ! جزء 1 ╬╦┬ Emptyالجمعة 12 أغسطس 2011, 12:10


سافرت البحار.. لم تأخذ السفينة

اليوم السبت..‏

اليوم الأول من عطلة نهاية الأسبوع.‏

وطئت قدماي أرض المطار الكبير المزدحم دائماً..‏

وطئت قدماي أرضه للمرة الثالثة منذ سفر ليلى..‏

كانون الأول.. نيسان.. ثم آب.‏

مددت يدي بجواز السفر لضابط الأمن القابع وراء الحاجز الزجاجي؛ لكنه ما إن لمح لونه وشارته المميزة حتى قال لي شكراً، وأعدته إلى مكانه دون أن يفتحه؛ فأنا مواطنة منذ عشرين سنة في هذا البلد الذي يحترم مواطنيه..‏

هبطت السلم الكهربائي إلى حيث تسليم الحقائب.. نظرت مرات عبر الجدار الزجاجي وأنا أنتظر مرور حقيبتي على الشريط الدائري المتحرك فلم ألمحهما.. حماتي وحماي!‏

حملت حقيبتي الخفيفة (فباقي حاجياتي مازالت هنا منذ زيارتي السابقة)، وجلت بعينيّ مرة أخرى بين الجموع فلم أجدهما!‏

ثم.. سمعت فجأة صوت بيتر الأب يناديني، فأقبلت نحوه أحاول رسم ابتسامة على وجهي:‏

-مرحباً بيتر!‏

-مرحباً كارمن‏

هكذا تكون المناداة في هذا البلد الأوروبي.. لا عمي ولا امرأة عمي؛ بل الأسماء المجرّدة فقط، وكذا الأمر بالنسبة للأعمام والأخوال والعمات والخالات حتى وإن كان المنادي طفلاً صغيراً، ويستثنى من القاعدة الجدّين فقط!..‏



اسم والد زوجي هو أيضاً بيتر، وكذا اسم جده..‏

فحمداً لله أني لم أرزق صبياً.. ربما توجّب علينا أن ندعوه بهذا الاسم، خاصة وأنه أول الأحفاد، ليصبح بيتر "الرابع"!‏

.. عندما ولدت ليلى وأردنا أنا وبيتر تسميتها بهذا الاسم احتج الوالد بأن الاسم هو اسم لسلالة كلاب!!‏

هرعت إلى ليلى فاحتضنتها، وقبّلت جديّها على الوجنات، وتبادلنا عبارات المجاملة، ثم قاد المليونير بيتر سيارته الجاكوار إلى البيت..‏

إنه مصطنع في كل شيء حتى في مزاحه.‏

اصطنعت ضحكة لأوهمه أنه خفيف الدم فعلاً، ثم التفت إلى ليلى.. تأملتها وابتسمت:‏

-ياحبيبتي.. فرحة أنا بلقائك.. فرحة جداً أنك أصبحت تمشين من جديد وتتكلمين.. لقد ازداد وزنك وازددت جمالاً.‏

ضحكت ليلى ومدت لي يدها بهدية:‏

-هذه هدية لك ياماما.. صنعتها لك في المعسكر الصيفي.‏

-شكراً ياحبيبتي.‏

فتحت الرزمة الخضراء.. كانت الهدية قناعاً من الجص لوجه ليلى وضعته على وجهها بمساعدة المشرفة حتى جف واكتسب ملامحها، ثم لونته بلون فضي ورسمت الشفاه باللون الأحمر:‏

-كم هو جميل!.. سأحتفظ به في غرفة النوم كي أراه عندما أستيقظ وقبل أن أنام، وأفكر بك كلما رأيته.‏

****‏

صباح يوم الأحد أوصلتنا ماريا (حماتي) إلى "مركز التأهيل" حيث تقيم ابنتي وتخضع للعلاج منذ حوالي السنة، وتزور المدرسة أيضاً.. مدرسة خاصة في المركز.‏

أما أنا فسأمضي أيامي التالية في نفس الغرفة التي كنت فيها المرة الفائتة.‏

عندما آوت ليلى إلى فراشها وقبّلتها قبلة المساء، عدت إلى غرفتي وأشعلت لفافة تبغ.‏

جلست أدخن وأحتسي كوباً من الشاي..‏

".. سافرت البحار، لم تأخذ السفينة‏

وأنت كالنهار، تشرق في المدينة‏

الريح تبكي، تبكي في الساحة الحزينة.."‏

وأنا أبكي..‏

أندريا وفيروز والبحار والسفن و.. أنت!‏

أفكر بك أيها البعيد..‏

أرسلت لك بطاقة جميلة، ودونت عليها رقم الفاكس هنا.. في المركز.‏

أبعث في نفسي أملاً جديداً كاذباً.. فعساك ولعلك تتصل بأختك المزعومة!‏

تمددت في السرير ورفعت الغطاء حتى كتفي وأغمضت عيني..‏
فكرت بك، وبكل جراحاتك.. تدحرجت من جديد دمعات ساخنة على خدي، ووجدت نفسي أبكي هذه المرة بصوت مسموع:‏

-ارحمني يا الله!..‏

أريد أن أعرف طعم الراحة.. لماذا لا أشعر أبداً بالرضى؟.. بالرضى عن نفسي؟!‏

فتحت عيناي ومسحت دموعي وأنا أنظر عبر زجاج النافذة..‏

لاح لي في ظلمة السماء نجم يتلألأ.. أمعنت النظر إليه؛ فهدأت نفسي ونمت.‏

ماعدا الاستقبال الحار في المطار؛ فإن ليلى اعتادت على وجودي رغم أني حضرت بالأمس فقط.. بل إنها لم تعد تشعر بوجودي!‏

برنامجها في المركز مكثّف ما بين معالجة فيزيائية ونفسية ولغوية وسباحة وركوب خيل ومدرسة.. وأنا آتي إليها في فرصة ما بعد الغداء لأقضي هذه الساعة معها، أو في الفترة مابين العشاء ووقت الذهاب إلى النوم، لكني سرعان ما أجد نفسي وحدي أنتظر في غرفة ليلى مجيئها، وقد ذهبت هي في أثر المشرفة فلانة أو علانة ونسيتني.‏

تقبّلت الأمر في البدء وفرحت أن ليلى ليست انطوائية، وأنها منسجمة مع الآخرين ومشغولة؛ لكني وجدت نفسي في بحث دائم عنها هنا وهناك، وأنا ما أتيت إلى هنا إلا من أجلها ولوقت معلوم ولسويعات محددة في اليوم، وهي تعرف ذلك حق المعرفة.‏

جئت إليها؛ فلم تكن متحمسة لحضوري..‏

اقترحت عليها أن نتمشى في الحديقة؛ لكنها أصرت على انتظار المشرفة بربارة حتى تخرج من المكتب لتعطيها حبتي توت قطفتهما لها، وأذعنت لمشيئتها وانتظرت معها، وطال انتظاري، وبربارة مازالت في الغرفة تسجّل تقريرها اليومي، وليلى مازالت مصرّة على انتظارها وقد عبس وجهها.‏

بدأت أشعر بالحنق؛ فقلت لليلى محاولة قدر الإمكان أن أخفي انفعالي:‏

-أنا آتي من أجلك حتى نخرج في نزهة، وأنت تنتظرين بربارة لتعطيها حبتي توت قبل انصرافها إلى البيت، وكأنك لن تريها بعد اليوم، مع أنها ستكون هنا في الصباح من جديد، وأنا أنتظر معك طوال هذا الوقت.‏

-...‏

-سأذهب إلى غرفتي إذن.. إذ يبدو أن بربارة أهم مني.‏

-...‏

أردت أن أجس نبضها؛ فوقفت أنوي الانصراف؛ لكنها بقيت صامتة وكأن الأمر لا يعنيها البتة!‏

لم تركض ورائي وأنا أتجه إلى المصعد لتخرج معي إلى النزهة، أو لتطلب مني أن أنتظر قليلاً، أو لتعتذر مني على الأقل.‏

عدت إلى غرفتي وجلست فيها طويلاً أنتظر ليلى أن تأتي أو أن تتصل بي هاتفياً؛ فلم تفعل!‏

"جميل جداً يا كارمن.. لماذا جئت إذن إلى هنا؟!.." شرعت أخاطب نفسي:‏

".. هاهي ابنتك لا تحس بوجودك، بل وتتصرف معك ببرود، وبقلة أدب أيضاً.. إذ كثيراً مايعلو صوتها وتخاطبك بحدة، أو تقاطعك قبل أن تنهي جملتك!...‏

يا إلهي!.. ربما ستكبر باردة العواطف كجدّيها.. وأبيها أيضاً.. إنها تشبههما في الملامح، وستكون مصيبة إن كان للتشابه وجه آخر!‏

لعنهم الله جميعاً.. وليلعنه هو أيضاً أكبر لعنة"!‏

(كان المقصود باللعنة أنت طبعاً)!!‏

أطفأت لفافة التبغ ونهضت ألوم نفسي:‏

"حسناً.. سأذهب إليها.. إنها ابنتي، وأنا أمها‏

وعلي أن أستوعبها، وهي مريضة وأنا هنا من أجل‏

ماذا إذن؟!!".‏

****‏

اليوم ستتزوج ريما..‏

دعتني ريما لحضور زفافها؛ لكن الموعد تأجل وحان موعد سفري قبله..‏

لن يقام حفل زفاف على أي حال، ولن أرتدي للمرة الثانية ذاك الفستان الذي أخطته من أجل زفاف سناء من قبل..‏

لن أراك هذه المرة أيضاً..‏

ربما هذا أفضل.. فقد وصلت الأمور بيننا إلى أسوأ ماكنت أتمنى؛ ولكن من حسن الحظ أنها لم تكن أسوأ مما كنت أتوقع!‏

وماذا كنت أتوقع أسوأ من ذلك؟!‏

أن يحتقن وجهك غضباً وتحملق فيّ، ثم يعلو صوتك و..؟!!‏

أنت تضع اللوم كله علي بكل برود، وتحتفظ بهدوء أعصابك أمامي كي لا تعطيني الفرصة لأرد لك الصاع صاعين!‏

تمنيت لو أنك أعطيتني تلك الفرصة لأفجّر غضبي الكامن.. أفجّره فيك، وأرمي بوجهك بعضاً من أشيائك المبعثرة على طاولة المكتب أمامك..‏

أتمنى لو أني أصفعك، ثم أخرج من عيادتك إلى الأبد وقد صفقت الباب ورائي بعنف!‏

كنت أجلس قرب النافذة أمعن النظر إلى القرية المنبسطة أمامي يميناً، والغابة الممتدة يساراً.. أفكر بك وأنا أستمع إلى الموسيقى.‏

كلاسيكية حزينة كنفسي الحزينة..‏

أنت في الذاكرة لا تبرحها أبداً.. كيف استطعت أن تحتلني هكذا؟!‏

أحاول نسيانك فلا أقدر.. أحاول أن أكرهك فلا أقدر..‏

أشعر تجاهك بالمرارة.. (فالرجولة هي موقف لم أجده عندك أبداً وبحثت عنه عندك، ولم أجده بعد!).‏

لقد حاصرتك كثيراً، وكتبت لك كثيراً، وتمنيت لو نجلس معاً ونتحدث.. كثيراً.‏

وكنت تجيد دائماً التهرب مني، وتنزلق كالزئبق من بين أصابعي بإجاباتك المبهمة..‏

تشد الحبل ثم ترخيه وتؤكد لي كل مرة أننا أحباباً.. وكم وددت لو كنا كذلك حقاً..‏

تبعث كل مرة فيّ الأمل من جديد، وأجلس أنا في وحدتي أنتظر منك دون جدوى مبادرة صغيرة..‏

أصبح رنين الهاتف يوتّرني، فيقفز قلبي بين ضلوعي ويسبق قدماي إلى الجهاز الذي يحمل كل الأصوات إلا صوتك!‏

..أردتك واحة فرح، ولو صغيرة؛ لكن الحب لم يكن طوال سنة ونصف إلا من طرف واحد.‏

رنين الهاتف جعل خواطري تتلاشى:‏

-مرحباً يا كارمن.. أنا آناريتا.. سأحضر إليك لتناول الغداء.‏
حسناً.‏

فتحت الباب ودخلت آناريتا.. امرأة قصيرة ممتلئة:‏

-تشاو كارمن‏

-تشاو آناريتا.. كيف حالك؟‏

-بخير.. تبدين مثيرة يا كارمن بهذه الثياب.. لو رآك أنطونيو لما قصّر بمغازلتك.‏

ضحكت، وقلت لها:‏

-مثيرة؟!.. دعك من هذا الهراء.‏

(لقد أحببت اليوم، والجو دافئ مشمس، أن أرتدي هذه البلوزة والتنّورة الضيقتين.. صحيح أنني رشيقة القوام، ولكن لم يخطر ببالي حقاً أني قد أبدو بهما مثيرة).‏

-ليس هراء.. أنت امرأة جذّابة، وأنطونيو...‏

-ما به أنطوينو؟!‏

-إنه رجل وسيم وأنيق، وأنا امرأة ممتلئة!.. أتعرفين أني كنت أكثر سمنة، وأن أنطونيو كان يطلب مني دائماً أن أنتبه إلى قوامي، ويشجعني لأذهب واشتري ثياباً جميلة؟‏

-...‏

-كنت أتأمل قطع الثياب المثيرة، وأفكر، مرتين ثم..‏

-لا تشتريها..‏

-أجل.. لقد اعترف لي أنطونيو أنه خانني مع امرأة أعرفها، وأنا لم أستطع إلا أن أسامحه.. لقد أقسم لي أن المبادرة كانت منها، وأنها لحقته حتى المنزل!‏

-ياله من رجل بريء!‏

كانت آناريتا تحضّر في المطبخ الصغير طعام غدائها الذي جلبته معها، وجلست أنا على الكرسي قبالتها..‏

ضحكت آناريتا، ثم قالت:‏

-تصوري.. إنه يخونني، ويغار علي.. يغار كثيراً.‏

-لا أستغرب ذلك.‏

-وأنت يا كارمن.. كيف حالك مع بيتر؟!‏

تجاهلت قصدها وتظاهرت أنني لم أفهم.‏

-ماذا تقصدين؟‏

-أقصد أن بيتر هادئ جداً.. هؤلاء الرجال الأوربيون الشماليون.. إنهم مختلفون.‏

-أجل.. إنهم حقاً مختلفون، وهدوئهم يبعث على الجنون أحياناً!‏

ضحكت آناريتا مرة أخرى وسألتني:‏

-ألن تتغدي؟‏

-لا.. لقد أصابني الأرق، وبقيت مسهدة حتى الرابعة صباحاً، ثم استيقظت تلقائياً الساعة التاسعة والنصف..‏

أنا لست جائعة الآن.‏

-لا يستطيع المرء النوم جيداً هنا.‏

-نعم.. إن المكان ضيق نوعاً ما.. يشعرني بانقباض نفسي.‏

لم يكن هذا هو السبب الوحيد، أو الأساسي.. فلقد بكيت الليلة الفائتة بما فيه الكفاية..‏

أريد أن أستريح من عناء التفكير.. أريد أن أعيش أيامي يوماً بيوم؛ ولكني لا أستطيع ذلك..‏

آناريتا تستطيع:‏

-أتعرفين يا كارمن.. لقد تعوّدت أن أعيش حياتي يوماً بيوم؛ فظروف مرض ايرين تحتم علي ذلك.. أنت على الأقل استمتعت بأوقات جميلة قبل أن تكتشفي مرض ابنتك؛ ولكن ابنتي مريضة منذ زمن بعيد، وقد تعايشت مع مرضها وقبلت بالأمر الواقع.. فلا جدوى من التفكير في الأحزان.‏

-معك حق.. الحمد لله أنها لم تعد طريحة الفراش، وأنها لم تعد بحاجة إلى كرسي متحرك.‏

-أجل.. أجل يا كارمن، لقد أصبحت ليلى في وضع نفسي أفضل.. إنها تتقبل مرضها الآن ولديها قوة الإرادة.. لقد منحتها أنت ذلك عندما جئت إليها في المرة السابقة.‏

-أجل، لقد أعطيتها مني طاقة كبيرة.. طاقة أتعبتني كثيراً، ولكن النتيجة كانت مثمرة والحمد لله.‏

-إنها تشعر نوعاً ما أنها في بيتها هنا.. لقد تأقلمت مع الجو وانسجمت مع المشرفات وأقامت علاقات صداقة مع باقي الأولاد.. إنها فتاة ذكية.‏

التقيت بعد الظهر بالطبيبة لأناقش معها إمكانية سفر ليلى إلى سورية من أجل إجازة قصيرة؛ فأخبرتني أنه من الأفضل الانتظار وتأجيل ذلك لوقت آخر بسبب كذا وكذا وكذا..‏

وعاد الأرق يزورني في الليل..‏

نهضت من الفراش حوالي الساعة الثانية، وجلست على المكتب أكتب حتى سمعت صوت الديك ينبهني إلى انبلاج الفجر..‏

اندسست في الفراش؛ لكن النوم استعصى علي مجدداً، وما إن تسلل أخيراً إلى أجفاني حتى أيقظني منه رنين الهاتف.. كانت الساعة تشير إلى الثامنة والنصف، وأنا لم أنم إلا ساعتين، وكانت ليلى على الطرف الآخر؛ فاليوم هو السبت..‏

اصطحبت ليلى في نزهة طويلة، وعدنا والجو مازال لطيفاً مشمساً منذ أسبوع.. منذ مجيئي إلى هنا..‏

أما صباح الأحد؛ فقد جلسنا -ليلى وأنا- في غرفة المعيشة بالمركز نشاهد معاً شريط الفيديو الذي سجلته المشرفات.. كان مسجلاً عليه برنامجاً للتلفاز المحلي الرسمي عن المركز ونشاطاته، وكانت ليلى بحق هي البطلة؛ فقد كانت اللقطات، وهي تمتطي الحصان تحتل أكبر مساحة من التصوير..‏

وأمضينا اليوم كله لوحدنا تقريباً؛ فمعظم الأولاد عند ذويهم في عطلة نهاية الأسبوع.‏

لم تتغير تصرفات اللامبالاة التي تبديها ليلى تجاه تواجدي معها؛ لكن إحدى المشرفات المعنيات بأمرها مباشرة لاحظت ذلك، وأرادت أن تتحدث إلي في نفس الوقت الذي كنت أنا أنوي فيه لقاءها ومناقشتها عن ذات الموضوع.‏

إن كل مشرفة في المركز هي بمثابة "أمينة سر" لعدد من الأولاد يلجؤون إليها عندما تعترضهم مشكلة ما، أو يشعرون بحاجة لشخص يمكن الوثوق به والبحث عن حل لهمومهم الصغيرة عنده.‏

كانت بربارة هي "أمينة سر" ليلى..‏

جلسنا معا في حديقة المقهى نشرب المرطبات ونتحدث..‏

أدركت بربارة حجم المشكلة، وتفهمت الإحباط الذي أشعر به كأم، في ذات الوقت الذي أفرح فيه لانشغال ليلى بمختلف النشاطات؛ فاقترحت علي أن تتناول ليلى العشاء معي، وليس مع الأولاد الآخرين -كما جرت العادة- وتبقى الفترة مابين العشاء ووقت النوم مخصصة لنا لوحدنا.‏

عندما حان وقت العشاء امتعضت ليلى عندما أخبرتها بربارة باقتراحها، ولم تبد حماسة كبيرة بادئ الأمر للذهاب إلي وتناول الطعام معي.. حيث أقيم.‏

كانت تتذرع كل مرة بسبب ما كي نبقى مع باقي الأولاد، وكنت أطلب منها في كل مرة أن تسأل بربارة إن كانت تسمح بذلك؛ لكن بربارة كانت صارمة في كل مرة.. وأذعنت ليلى للأمر مرغمة!‏

كنت أحاول قدر الإمكان أن يكون الوقت الذي نمضيه معاً ممتعاً؛ لكنني كنت ألحظ أنها معي، لأنها مجبرة وليس لأنها ترغب حقاً بذلك..‏

كنت أحياناً أذهب معها لنتمشى في الغابة، ثم نجلس على أحد المقاعد، وأقرأ لها قصة أخذتها معي من المكتبة؛ لكنها لم تكن حقاً تستمتع بذلك، وكثيراً ماكنت أراها شاردة الذهن لا تستمع حقاً لما أقرأه لها.‏

كان ذلك يحز في نفسي؛ فقد تغيّرت علاقتها بي كثيراً عن المرة السابقة..‏

كانت لا تطيق فراقي.. تريد أن تراني طوال الوقت.. وكانت مقعدة وبحاجة ماسة لمساعدتي ودعمي المعنوي وتشجيعي..‏

أما الآن، وبعد التحسن الكبير الذي حصل لها؛ فقد أصبحت لا مبالية، وأصبحت نظراتها باردة.. باردة جداً. يبدو أنها تأقلمت أكثر من اللزوم، وليس باستطاعتي تجنب ذلك طالما أن إقامتها هنا مازالت إلى أجل غير مسمّى، كما أنه ليس بإمكاني البقاء دائماً هنا.‏

****‏

بعد أسبوع كان لي اجتماع مع الفريق الطبي، والمشرفات، والطبيبة النفسانية والأخصائية الاجتماعية.‏

ابتسمت، وبادرتهم بالمزاح، وأنا أراهم يشيرون إلي للجلوس على ذاك الكرسي في صدر المجلس، وقد توزعوا على اليمين واليسار، ينتظرون دخولي لأترأس أنا الاجتماع..‏

إن سمة التواضع فيهم تفرض على المرء احترامهم..‏

تناقشنا في وضع ليلى الحالي من كافة النواحي وتبين لي أنها مازالت لا تستطيع التركيز رغم كل الجهود والتمارين الخاصة، وأن تصرفاتها مازالت طفولية لا تناسب عمرها، ثم ذهبت في اليوم التالي للقاء المستشارة الغذائية في مكتبها الذي يقع في تلك المدينة الكبيرة، ويبعد مسافة ساعة بالسيارة عن المركز.‏

ومضت الأيام المتبقية من إقامتي مابين انشغال بليلى واجتماعات بالمعنيين بأمرها وزيارات الأصدقاء.‏

وحان من جديد موعد السفر..‏

اليوم الاثنين..‏

اليوم العشرون من شهر أيلول..‏

جاءت مارية في الصباح لتقلني إلى المطار..‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://starlook.alafdal.net
 
┬╦╬ روآية سافرت البحار.. لم تأخذ السفينة ! جزء 1 ╬╦┬
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ┬╦╬ روآية سافرت البحار.. لم تأخذ السفينة ! جزء 2 ╬╦┬
» ┬╦╬ روآية أدخلت المفتاح في قفل الباب ودخلت.. ! جزء 2╬╦┬
»  ┬╦╬ روآية النمر والبئر ! ╬╦┬
»  ┬╦╬ روآية ثلاثية الحزن والقلق والوحدة ! ╬╦┬
» قوانين قسم عالم البحار

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات ستار لوك :: الروايات-
انتقل الى: