ربما ماذا؟!.. ماذا تنتظر؟!
.. ثمة رجل واحد أنتظره فقط.. فإن لم يأت، فأنا لست بحاجة لرجل آخر!
استغربت كيف تفوهت أمامه بهذه الكلمات..
فأنا.. من أنتظر.؟!
لماذا أحببتك أنت بالذات؟
إن كان قدري أن أحب.. فلماذا لم يختر لي كيوبيد واحداً من أولئك الذي يحومون حولي، رغم أني لست جميلة؟!
ترى.. هل يلازمك ذاك الشعور المقيت الذي لازمني وأنا أسمع صوته، عندما ترفع السماعة وتسمع صوتي؟! خفت أن يكون شعورك تجاهي مشابهاً لشعوري تجاهه..
كيف أتصل بك إذن، أو أزورك بعد اليوم؟!
اتصل بي بيتر يخبرني أنه لن يأتي قبل حزيران.. أما ليلى، فمن المحتمل أن يرسلها لوحدها في إجازة لأسابيع. أخبرته عن حسام، ورغبته في زيارتي، فقال لي: "إن زوجته سيئة"!
كان هذا كل ما قاله!
****
جلست في الشرفة، وقد استدرت للشمس أملاً أن تدفأ ظهري..
أفكر فيك في وحدتي، وأتمنى لو تنتزعني منها، ولو بمجرد رنّة هاتف تقول فيها: كيف الحال؟
اليوم الجمعة، وأنا وحدي في دمشق.
هذه أول مرة أتغيب فيها ثلاثة أسابيع عن منزلي في اللاذقية.
متعبة ولا أرغب بالسفر.
وأنت .. هناك.
ماذا تفعل يا ترى؟!
****
أتيت إليك في عيد العشاق، وما أنت بعاشق..
لا أريد أن يكون للعشاق عيدا، فأيامي كلها أعياد إن أحببتني..
لا أريد أن يكون للهدايا مواعيد، فأنا أهديك كل يوم شوقاً جديداً.
هداياي تأتيك من القلب، ولذا أهديتك كلمات وموسيقى وخزفاً مغربياً وبنفسجاً ووردة وقرنفلة.. وقبل ذلك كله أهديتك قلباً.
لن أهديك في العيد شيئاً، ولكن للطفل الذي في داخلك.. لعبة!
أو لم تقل لي يوماً أنك ما زلت تحمل في داخلك طفلاً، وأنك ما زلت تحب الألعاب وتشتريها؟!
فكيف تلومني في يوم آخر على تصرفاتي الطفولية أيها الطفل المغرور المدلّل؟!
بقايا من طفولتنا ما زالت تعيش فينا.. ففي نفسينا بعض من عفويتها، وفي قلبينا طيبتها..
الأرنبة الصغيرة البيضاء ستذكرك بي، ليس لأن اسمي مكتوب عليها، ولكن لأنني لا أحفل بالهدايا تأتي من الجيب. ولأني -ربما- ما زلت أنتظر منك هدية تأتي من القلب.. كهداياي.
دخلت إليك أحمل في يدي المجلة وقصاصة الجريدة.. لقد نشروا الخاطرتين في آن واحد..
اليوم.. في "الفالنتاين" في عيد العشاق.
كنت لوحدك في العيادة تجلس أمام طاولة صغيرة مفروشة بالكتب والدفاتر والأوراق.
لم يمنعك دخولي من التوقف لدقائق عن النظر في مراجعك اللعينة، وتدوين ملاحظاتك بالقلم الأحمر.
سألتني وأنت ما زلت تكتب:
-كيف حالك يا كارمن؟
-لا بأس.
-وكيف حال بيتر؟!
-لا بأس أيضاً
(لماذا تتعمد سؤالي عنه؟.. ألتذكرني أني زوجته وتوقظ فيّ تأنيب الضمير؟!.. كيف يؤنبني ضميري، وهو لا يبالي إن أحببتك ولا إن تحرش بي حسام أو غيره؟!)
وضعت المجلة وقصاصة الجريدة على المكتب:
-اقرأها هذه المرة، ولا تضيّعها!
ثم ناولتك اللعبة.. أمسكت بها تتأملها وتقول:
لطيفة.. Sympathetic
نهضت أود الانصراف:
-أنت مشغول جدا.. لا أريد ازعاجك.
-أنا فعلاً مشغول جداً.. علي أن أنهي هذا الكتاب.. See you later
تعالي بعد عشرة أيام!
حاولت أن أبدو مرحة وأنا أقول لك: See you later alligator
****
لبست البيجامة وتربعت على الأريكة أدخن، وأفكر:
"تعالي بعد عشرة أيام"..
لكن فرحتي بلقائك تقتلها دائماً الخيبة..
لا أريد أن يكون الحوار مقطوعاً بيننا إلا من عبارات المجاملة.
عشرة أيام؟
فلتكن خمسة عشر يوماً.. بل سنة كاملة.
عندما قلت لي أنك حر، وأنك مجنون..
أردت أن أجاريك في جنونك، وفي عنادك..
أبرهن لك أني عنيدة أكثر..
وأتحول كرمى لك من نمرة شرسة إلى قطة وديعة!
أردت أن أكون قطرة ماء تتساقط برفق، ولكن باستمرار على الصخر حتى تترك فيه أثراً.
ولكن؟!
كم من الوقت تحتاجه القطرة؟
ربما تجف القطرة، وربما ينتهي الوقت!
الوقت!!
أراك بعد سنة، لتلمح في وجهي تجعيدة جديدة، وألمح في وجهك مثلها!
سينتظر حسام دون جدوى رغم أني لم أغويه، وسأنتظر أنا دون جدوى رغم أنك أغويتني..
أغويتني، وعندما وقعت في حبك لم تعد تعرف كيف تتخلص مني، ولم أعد أعرف كيف أتخلص منك!
****
حقاً.. لم أعد أعرف كيف سأتخلص منك..
جلست أتابع أخبار الساعة السادسة، فشاهدتك فجأة على الشاشة..
كانت لقطة صغيرة للحظات، ولكن رؤيتك أسعدتني..
كنت تهز رأسك منسجماً مع حديث الطبيب الفرنسي الزائر، وأنا أهز رأسي عجباً من حالتي المجنونة معك!
تذكرت كيف اتصلت بي يوماً، وقد عدت من بيروت لتطلب مني أن أشاهدك على التلفاز..
لم أستطع يومها أن أخفي فرحتي حتى عن بيتر
أنا لا أستطيع أن أخفي انفعالاتي أبداً..
انفعالاتي تفضحني، ومشاعر الفرح أو الحزن أو الغضب تبدو دائماً مقروءة في عينيّ، ولذا لم يصعب عليك يوماً أن تقرأ الحزن في عينيّ.
انفعالاتي تفضحني أيضاً، لأني أكره التملّق والكذب، ولا أجيدهما..
لا أجيد الكذب، ولو كان مجرد كذبة صغيرة بيضاء.. كتلك الكذبة عندما أرادت مايا أن تعرفني على صديقها.